فعل الرئيس ترامب أموراً كثيرة لتنفير المهاجرين المهرة من الولايات المتحدة، إذ صعّب عليهم الحصول على البطاقة الخضراء. ومنع بعض الطلاب الأجانب من الدخول، وثنى آخرين عن العمل أثناء الدراسة، ويدرس الآن حظر عمل زوجات الحائزين على تأشيرات مهاجرين مهرة من العمل. ويبدو أن حملة المضايقة تؤتي أكلها، فقد تراجعت طلبات الحصول على تأشيرات مهاجرين مهرة، وكذلك عدد التأشيرات الممنوحة لطلاب أجانب.
ومن الصعب أن نرى ما يُحققه ذلك باستثناء إشعال حماسة القاعدة المناهضة للهجرة من مؤيدي ترامب. وتعيق هذه التحركات رفد الجامعات البحثية بالطلاب الأجانب، الذين يعتبرون أفضل أمل لتعزيز الاقتصاد في المناطق التي تشهد تراجعاً اقتصادياً. وتحرم مثل هذه التحركات أيضاً قطاعَ التكنولوجيا من العاملين الموهوبين.
وقد زعم معارضو هجرة العاملين المهرة، من جناحي اليمين واليسار، أن السماح لأفضل وأذكى العقول بالدخول إلى الولايات المتحدة، يضر بالدول النامية، عبر سلبها من مواهب تحتاجها بشدة. وهذا ما سمي بجدلية «استنزاف الكفاءات». ولهذه الجدلية وجاهة سطحية، فالنمو في الدول الفقيرة، مثل بنجلاديش وفيتنام وإثيوبيا، مهم للرفاهية العالمية. ولذلك، ورغم أنه قد يكون مفيداً للولايات المتحدة جذب مزيد من البنجال والفيتناميين والإثيوبيين الأذكياء، فإن استغلال مواهبهم في جيل جديد من المصانع في أوطانهم بدلاً من تصميم تطبيقات إلكترونية للأميركيين الأثرياء، سيخدم البشرية بصورة أفضل بكثير.
لكن ذلك القول يتجاهل كافة الأمور الجيدة، التي يمكن أن تحدث لأية دولة نامية، عندما ينتقل بعض أبنائها الأذكياء إلى الولايات المتحدة. فالمهاجرون المهرة وأبناؤهم في المهجر غالباً ما يستثمرون داخل بلدان آبائهم وأجدادهم، ويجلبون رأس المال والأفكار والتكنولوجيا من المهجر، لبدء مشاريعهم التجارية. وقد أرّخت عالمة الاجتماع «آنا لي ساكسنيان»، لمدى استفادة دول مثل الصين والهند من هذه العملية.
وليس هذا فحسب، فعدد الأشخاص المتعلمين في الدول الفقيرة ليس ثابتاً، وكثير من الأذكياء يخفقون في الحصول على تعليم جيد، بسبب محدودية الفرص الاقتصادية للخريجين. وقد وثّق الخبير الاقتصادي «ويليام كير» من كلية «هارفارد للأعمال»، كيف أن قبول الولايات المتحدة لكثير من المهاجرين المهرة يحفز مزيداً من الناس في بلادهم ويجعلهم يسعون لنيل تعليم عالٍ، أملاً في الهجرة أيضاً. وكثير منهم لا يتمكنون من السفر إلى الولايات المتحدة، لكنهم بدلاً من ذلك يستخدمون مهاراتهم في أوطانهم.
وبعبارة أخرى، يمكن للولايات المتحدة أن تزيد من مستوى التعليم في أية دولة، وتدعم اقتصادها، باستيعاب مزيد من أبنائها المتعلمين. وتشير دراسة أجراها الخبيران الاقتصاديان «جوراف خانا» و«نيكولاس موراليز»، في عام 2017، إلى أن هجرة العمالة الماهرة إلى الولايات المتحدة في تسعينيات القرن الماضي، دفعت قطاع تكنولوجيا المعلومات في الهند إلى النهوض خلال العقد التالي.
وأشار الخبيران، في دراستهما حول صعود قطاع تكنولوجيا المعلومات من 1.2% من اقتصاد الهند إلى 7.5% بحلول عام 2012، إلى أن «كثيراً من العمال المهرة عادوا إلى الهند، ومكنت هذه القوة العاملة المتعلمة قطاع تكنولوجيا المعلومات الهندي من النمو بسرعة، وبمرور الوقت، أصبحت الهند منتجاً كبيراً للبرامج الإلكترونية».
ويعتبر النمو في الهند أحد أهم القوى وراء تقليص مستويات الفقر العالمية. ولذلك، أسدت الولايات المتحدة للجنس البشري معروفاً كبيراً بترحيبها بالمهاجرين من أصحاب المهارات الهنود في التسعينيات. والآن، قد آن الأوان لكي تسدي أميركا معروفاً مماثلاً لدول أخرى.
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
ومن الصعب أن نرى ما يُحققه ذلك باستثناء إشعال حماسة القاعدة المناهضة للهجرة من مؤيدي ترامب. وتعيق هذه التحركات رفد الجامعات البحثية بالطلاب الأجانب، الذين يعتبرون أفضل أمل لتعزيز الاقتصاد في المناطق التي تشهد تراجعاً اقتصادياً. وتحرم مثل هذه التحركات أيضاً قطاعَ التكنولوجيا من العاملين الموهوبين.
وقد زعم معارضو هجرة العاملين المهرة، من جناحي اليمين واليسار، أن السماح لأفضل وأذكى العقول بالدخول إلى الولايات المتحدة، يضر بالدول النامية، عبر سلبها من مواهب تحتاجها بشدة. وهذا ما سمي بجدلية «استنزاف الكفاءات». ولهذه الجدلية وجاهة سطحية، فالنمو في الدول الفقيرة، مثل بنجلاديش وفيتنام وإثيوبيا، مهم للرفاهية العالمية. ولذلك، ورغم أنه قد يكون مفيداً للولايات المتحدة جذب مزيد من البنجال والفيتناميين والإثيوبيين الأذكياء، فإن استغلال مواهبهم في جيل جديد من المصانع في أوطانهم بدلاً من تصميم تطبيقات إلكترونية للأميركيين الأثرياء، سيخدم البشرية بصورة أفضل بكثير.
لكن ذلك القول يتجاهل كافة الأمور الجيدة، التي يمكن أن تحدث لأية دولة نامية، عندما ينتقل بعض أبنائها الأذكياء إلى الولايات المتحدة. فالمهاجرون المهرة وأبناؤهم في المهجر غالباً ما يستثمرون داخل بلدان آبائهم وأجدادهم، ويجلبون رأس المال والأفكار والتكنولوجيا من المهجر، لبدء مشاريعهم التجارية. وقد أرّخت عالمة الاجتماع «آنا لي ساكسنيان»، لمدى استفادة دول مثل الصين والهند من هذه العملية.
وليس هذا فحسب، فعدد الأشخاص المتعلمين في الدول الفقيرة ليس ثابتاً، وكثير من الأذكياء يخفقون في الحصول على تعليم جيد، بسبب محدودية الفرص الاقتصادية للخريجين. وقد وثّق الخبير الاقتصادي «ويليام كير» من كلية «هارفارد للأعمال»، كيف أن قبول الولايات المتحدة لكثير من المهاجرين المهرة يحفز مزيداً من الناس في بلادهم ويجعلهم يسعون لنيل تعليم عالٍ، أملاً في الهجرة أيضاً. وكثير منهم لا يتمكنون من السفر إلى الولايات المتحدة، لكنهم بدلاً من ذلك يستخدمون مهاراتهم في أوطانهم.
وبعبارة أخرى، يمكن للولايات المتحدة أن تزيد من مستوى التعليم في أية دولة، وتدعم اقتصادها، باستيعاب مزيد من أبنائها المتعلمين. وتشير دراسة أجراها الخبيران الاقتصاديان «جوراف خانا» و«نيكولاس موراليز»، في عام 2017، إلى أن هجرة العمالة الماهرة إلى الولايات المتحدة في تسعينيات القرن الماضي، دفعت قطاع تكنولوجيا المعلومات في الهند إلى النهوض خلال العقد التالي.
وأشار الخبيران، في دراستهما حول صعود قطاع تكنولوجيا المعلومات من 1.2% من اقتصاد الهند إلى 7.5% بحلول عام 2012، إلى أن «كثيراً من العمال المهرة عادوا إلى الهند، ومكنت هذه القوة العاملة المتعلمة قطاع تكنولوجيا المعلومات الهندي من النمو بسرعة، وبمرور الوقت، أصبحت الهند منتجاً كبيراً للبرامج الإلكترونية».
ويعتبر النمو في الهند أحد أهم القوى وراء تقليص مستويات الفقر العالمية. ولذلك، أسدت الولايات المتحدة للجنس البشري معروفاً كبيراً بترحيبها بالمهاجرين من أصحاب المهارات الهنود في التسعينيات. والآن، قد آن الأوان لكي تسدي أميركا معروفاً مماثلاً لدول أخرى.
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»